أهم الأخباراخبار الجريدةساحة الرأيمصر النهاردة

اهلاً بكم
كتب/ احمد السيد جاب الله
لبوابة وجريدة الهضبة اليوم
قصف رفح فجر اليوم عمل مفصلي جداً يوضح لنا ان المشهد اللي على حدودنا الشرقية ده مش هيخلص بين يوم وليلة ، وان مفيش جدية من اي طرف دولي في وقف اطلاق النار ، وكل البيانات الدولية والإقليمية بمثابة إبراء ذمة مش اكتر امام جريمة تخطت مرحلة جريمة انسانية او تطهير عرقي او تهجير قسري ، وبقت جريمة كونية ضد الحياة نفسها مش ضد البشر وبس!

الرسالة الاهم في القصف هي قصف لعملية التفاوض المحتملة والتي يراها الجميع مفاوضات الفرصة الأخيرة غداً الثلاثاء في القاهرة بحضور وليام بيرنز مدير الاستخبارات المركزية الامريكية ، غالباً الكيان بيدخل التفاوض الاخير برفض ضمني لجميع المقترحات ، ويبدو ان مفيش ضغوط عملية بيتعرض لها من اجل تغيير المواقف!

طب ليه مفيش ضغوط حقيقية عليهم؟!
اقولك لان جميع الأطراف اللي في المشهد من مصلحتهم وقوع صدام بين مصر والكيان ، الحرب هنا مطلوبة من الكل لاسباب كتير تبدو مختلفة وان كانت الصورة الاشمل والأعم بتقول انها متكاملة مش مختلفة ولا حاجة!

الكيان وعنده أوهامه التلمو- دية وحدوتة ارض الأجداد والسيطرة على كامل فلسطين وترحيل (كل) ما هو غير يا-hودي منها ، وتهيئة الأرض للمجيء الثاني للمسيح المخلص وبناء الهيكل والبحث عن بقرة معرفش شكلها عامل ازاي ومعزة لونها ايه وهكذا ، وده هدف معلن من حكومة بي بي ، وقلت لكم اول ما تم الإعلان عن الحكومة دي إن الاهداف دي لن تتحقق إلا بحرب ضخمة في الشرق الأوسط!

الخليج ورغبته في السيطرة على الشرق الأوسط وافريقيا اقتصادياً وسياسياً ، ولا يوجد منافس له في ذلك سوى مصر ، او بمعنى أدق الجيش المصري الذي يعتبر المؤسسة العسكرية الوحيدة الباقية من العصر الكلاسيكي في الشرق الأوسط بالكامل ، وحتى لو لم تكن الرغبة الخليجية هي اسقاط مصر كدولة ، فإن اسقاط الجيش بالنسبة للخليج امر مطلوب جدا ويخدم مصالحهم في قيادة المنطقة ،

وعلشان تسقط جيش لازم تعمل حاجة من اتنين ، يا يدخل في صراع عسكري مدمر على نموذج ٦٧ ، يا يدخل في فوضى داخلية على نموذج ٢٠١١ ، والخليج معندوش مشكلة في تكرار اي من النموذجين ، ده من ابو آخر يعني عشان منضحكش على بعض!

الولايات المتحدة هدفها الأساسي هو تحييد النفوذ الصيني الروسي من المنطقة لانها فعلاً ترغب في الرحيل منها ولا ترى لها اي مصلحة في رعاية الاستقرار فيها كما تفعل من بعد كامب ديفيد ، بل انها لا تمانع في التخلص من كامب ديفيد نفسها لانها ترى انها اتفاقية سينمائية لم تحقق سلام ولا خلقت تعاون ، كما ترى انها الطرف الخاسر من هذه الاتفاقية بدفع المليارات من الدولارات سنوياً لطرفي الصراع لحفظ الاستقرار في المنطقة ، وهي تراها مليارات بلا عوائد عليها سواء لمصر او للكيان!

باقي اهداف الولايات المتحدة من المنطقة تتعلق بالتجارة الدولية وليس بها كدولة ، وهي مهمة تتطلب تحالف عسكري من دول المنطقة للقيام بهذا الدور وتحمل أعباءه ، وضع الاستقرار الذي تراه واشنطن للمنطقة هو ان تكون تحت قيادة مشتركة من الخليج والكيان ، مع دور شكلي لمصر الضعيفة المنهارة التي لا تملك من اسباب القوة شيء ،

لذلك ترى جميع عناصر القوة المصرية الشاملة تحت القصف في توقيت واحد ، القوة الاقتصادية تحت قصف الحصار الخليجي الغربي ، القوة الاجتماعية تحت قصف غلاء الاسعار واختفاء السلع ، القوة السياسية تحت قصف الانفلات الذي يتم الترويج له إعلامياً من جميع وسائل الإعلام غير المصرية ، حتى القوة الناعمة تعرضت للقصف عبر تجنيس المبدعين والرياضيين ، وصولاً للقصف العسكري واستدراج مصر لمواجهة عسكرية كبرى في غزة!

كل هذا لا يحدث صدفة ابداً ، كل هذا التواتر والتوافق تم باتفاقات بين أطرافٍ عدة بليل بهيم طويل ، لكن مصر لم تكن غائبة أبداً وكانت حاضرة في هذه الاجتماعات وتدرك جيداً ما يدبر لها ولجيشها في هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا الطويل!

حتى الموقف الروسي الصيني من الاحداث يبدو مرحباً بهذا الصدام لأسباب تتعلق باستدراج الولايات المتحدة لصراع طويل الأمد في الشرق الأوسط لاستنزاف قدراتها العسكرية والاقتصادية ، بما يحقق لهما مساحة حرية اكبر للرقص كما يريدون على مسارحهم!

قد يكون موقف الاتحاد الأوروبي هو الأقرب للموقف المصري ، والأكثر تفهماً لأهمية بقاء واستقرار مصر دولةً وجيشاً ، لكن الاحداث الدولية اثبتت أن الاتحاد الأوروبي كيان هلامي منزوع السيادة بلا ملامح او أنياب!

من هذه المقدمة الطويلة ندرك ان فرص السلام تتقلص مع مرور الوقت ، والاستقرار مرهون باستسلام مصر داخلياً وخارجياً ، والاستسلام هنا مرتبط بقبول كل الصفقات في الداخل والخارج ، قبول بالتهجير ، قبول ببيع كل الأصول المملوكة للدولة بثمن بخس ، مزيد من التوطين واللاجئين ، مزيد الديون الخارجية، لان الأمر كما قلنا كثيراً لا يرتبط بغزة وحدها هذه المرة ، بل بالإقليم بالكامل!

لذلك فلو فرضنا جدلاً ان هناك سلاماً سيصل اليه بيرنز غداً ، فأكثر النتائج الايجابية المتوقعة ستكون تجميد الوضع فقط ، لن يعود سكان الشمال ، لن يخرج اللاجئين الموجودين في رفح لاي مكان آخر سوى سيناء ، وهذا التجميد سيكون مرحلياً لحين قيام ثورة او فوضى داخلية في مصر تسمح بإطلاق رصاصة الرحمة على القضية الفلسطينية وعلى القوة المصرية الشاملة في نفس الوقت!

ولكن رغم عظم كل هذه التحديات ، مازلت المح في رماد الموقف شيُ من امل ، مازلت أراها فرصة لانطلاق مصر إقليمياً ودولياً ، القوة الكبرى عبر التاريخ تخرج من رحم الصراعات الكبرى والمشكلات الكبرى ايضاً ، أزمة وجودية كالتي تمر بها مصر اليوم يمكن ان تكون بداية انطلاق لمصر الكبرى التي نحلم بها كما يتوهمون هم بقدرتهم على اسقاطها أو إخضاعها!

مع كل تحدي كبير يولد حلم كبير ايضاً ، ومع كل محنة منحة إلهية عظيمة ، قف خلف وطنك واحمل علمك وسلاحك ، وتأكد بان مصيرك في يدك وليس في ايد اخرى ، اكتب لوطنك البقاء يكتب لك الخلود والبقاء السرمدي الأبدي ، عندما ترى الوطن ليس له داعم إلا انت اياك ان تخذله او تخونه ، التاريخ يقول ان من يخون وطنه لا يربح ، من يخون وطنه يكون قد خان نفسه اولاً 👌

حفظ الله مصر ، حفظ الله جيش مصر ، حفظ الله شعب مصر ، تحيا مصر 🇪🇬🇪🇬🇪🇬

زر الذهاب إلى الأعلى